النقد الدولي: أوجه عدم يقين تخيم على الاقتصاد الفلسطيني
تم النشربتاريخ : 2017-07-26
أوفد صندوق النقد الدولي بعثة قادتها كارين أونغلي لزيارة القدس الشرقية ورام الله في الفترة 11-20 يوليو 2017، وذلك لتقييم آخر التطورات الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة والموقف المالي للسلطة الفلسطينية.
والتقت البعثة بوزير المالية الدكتور شكري بشارة، ومحافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، ولفيف من المسؤولين الفلسطينيين. وفي ختام الزيارة، أصدرت أونغلي البيان التالي:
"يعاني الاقتصاد الفلسطيني من تصاعد عدم اليقين السياسي، وتراجُع تدفقات المعونة، وعدم كفاية الاستثمارات. ولا تزال القيود المفروضة على حركة السلع والخدمات تعوق الاستثمارات المنتجة والنمو. كذلك تواجه غزة مشقة اقتصادية واجتماعية متزايدة نتيجة لتباطؤ جهود إعادة الإعمار وتخفيضات الإنفاق الأخيرة. وتشير تقديراتنا إلى أن النمو الكلي لإجمالي الناتج المحلي سيتباطأ إلى نحو 3% في عام 2017، هبوطاً من 4% في عام 2016. وتأتي هذه التقديرات استنادا إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بمعدل 2.7% في الضفة الغربية و4.5% في غزة – بانخفاض يتجاوز 3 نقاط مئوية عن المعدل الذي بلغ 7.7% في 2016. غير أن الأحداث المأساوية في الأيام القليلة الماضي تسلط الضوء على أوجه عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد وحياة المواطنين.
"وما لم يزداد تصاعد الأحداث، نتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي في الضفة الغربية وغزة حوالي 3% على المدى المتوسط، وحتى هذا المعدل سيكون أقل من أن يستوعب العدد الكبير من الشباب الداخلين إلى سوق العمل في السنوات القادمة. وفي نهاية المطاف، يعتمد أي تحسن دائم ومؤثر في الآفاق المتوقعة للاقتصاد الفلسطيني على الالتزام بعملية السلام وتحقيق إنجاز سياسي. وإذا اقترن مثل هذا الإنجاز بتخفيف القيود المفروضة على الحركة وتعزيز السيطرة على الموارد (وهو ما يشمل المنطقة جيم)، فسوف يسمح بتحقيق نمو سريع يقوده القطاع الخاص.
"وتواصل وزارة المالية والتخطيط إدارتها الماهرة لهذه الظروف العصيبة. فقد حققت المالية العامة أداء تجاوز التوقعات في الأشهر الخمسة الأولى من 2017، بفضل الجهود القوية لتعبئة الإيرادات وكبح الإنفاق. ونتيجة لذلك، نتوقع أن يصل عجز النفقات المتكررة إلى 6.1% من إجمالي الناتج المحلي مع نهاية العام، بانخفاض قدره 1.7 نقطة مئوية عن المتوقع سابقا. وبينما حققت السلطات تقدما في تسوية المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص، نجد أن المتأخرات عاودت الظهور، وخاصة في القطاع الصحي، بسبب استمرار تراجُع تدفقات المعونة وسداد الدين المحلي. ويسلط هذا الضوء على قيود التمويل الشديدة التي تواجه السلطة الفلسطينية حاليا.
"وبناء على قوة الأداء حتى الآن، يتطلب الأمر خطوات إضافية لتحقيق تقدم أكبر في تضييق فجوة التمويل التي لا تزال تبلغ حوالي 4% من إجمالي الناتج المحلي. ونرحب بإصرار السلطات على تعزيز الإيرادات المحلية من خلال تحسين الإدارة الضريبية، ونحثها على تجنب منح إعفاءات ضريبية جديدة والنظر في إجراءات جديدة يمكن أن تحقق إيرادات إضافية وتساهم في إقامة نظام ضريبي أكثر تصاعدية. وينبغي أن تركز جهود تخفيض الإنفاق على احتواء فاتورة الأجور الكلية، ورفع كفاءة الإنفاق على الصحة العامة، وتعزيز استرداد تكلفة استهلاك الكهرباء والماء. ولا يزال دعم المجتمع الدولي ضروريا لتسهيل عملية الضبط المالي دون إلحاق مزيد من الضعف بآفاق النمو. وندعو المانحين إلى التراجع عما لوحظ في السنوات الأخيرة من خفض كبير لدعم الموازنة.
"وستؤدي الإصلاحات الداعمة لسلامة الموارد العامة على المدى المتوسط إلى المساعدة في ضمان التوافق بين جهود الضبط المالي وتقديم خدمات اجتماعية أفضل. وتمثل استراتيجية إدارة المالية العامة التي استُكمِلت مؤخرا علامة مهمة في هذا الخصوص. ويتطلع الصندوق إلى دعم وزارة المالية والتخطيط في تنفيذها، بالتنسيق مع شركاء التنمية الآخرين. وسيؤدي تحسين إعداد الموازنة، والمراقبة الدقيقة للإنفاق، ومراعاة أولويات التنمية المتوخاة في جدول أعمال السياسات الوطنية، إلى المساهمة في جعل بنود الإنفاق أكثر دعما للنمو، مع خلق حيز مالي لإقامة استثمارات عامة إضافية وضمان إبقاء الدين في حدود يمكن تحملها.
"وستكون الجهود الرامية إلى حماية الاستقرار المالي وتحسين إتاحة التمويل عنصرا مكملا لإصلاحات المالية العامة والإصلاحات الهيكلية. ومن التحديات المهمة في هذا الصدد تحقيق التوازن الصحيح بين الشمول المالي والاستقرار المالي في النظام المصرفي. ويدعو هذا إلى المراقبة الدقيقة لنمو الائتمان الذي لا يزال سريعا، ورصد مخصصات كافية لمواجهة خسائر القروض، والحفاظ على رؤوس أموال وقائية كافية، والإبقاء على الائتمان المقدم إلى الحكومة ضمن الحدود التنظيمية المقررة.
"ويعتبر استمرار التعاون بين سلطة النقد الفلسطينية وبنك إسرائيل المركزي أمرا ضروريا للحفاظ على علاقات المراسلة المصرفية التي تشكل أهمية بالغة في كفاءة عمل نظام المدفوعات. وننوه في هذا الخصوص بالجهود الجارية لإيجاد حل مُرْضٍ لتخفيف القلق الذي تستشعره البنوك التجارية، ولكننا نحث السلطة الفلسطينية على مقاومة ضغوط تقيم ضمانات مالية يمكن أن تعرض استمرارية أوضاع المالية العامة للخطر. وتحقق جهود تعزيز النظام الفلسطيني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تقدما يتجاوز الجدول الزمني الموضوع وينبغي الحفاظ عليها، لضمان نجاح "مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في إجراء تقييمها الشامل في عام 2020.
"ويعتبر الحوار البناء بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل عاملا أساسيا لتحسين الآفاق الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة. وفي هذا الصدد، نشير إلى أهمية عقد اجتماعات وزارية عالية المستوى، ونتطلع إلى نتائج ملموسة تقوم على مناقشات عادلة وشفافة. غير أننا نشعر بقلق بالغ إزاء احتدام الصدامات مؤخرا في الضفة الغربية والقدس، ونستنكر ما أسفر عنه العنف من خسائر في الأرواح."